ولد في بنت جبيل العام 1950، ونال الشهادة التعليمية من دار المعلمين والمعلمات- بئر حسن- بيروت في العام 1972، وفي السنة نفسها تم الحصول على شهادة البكالوريا القسم الأول وعام 1974 الباكالوريا القسم الثاني. مارس التعليم في المدارس الرسمية اللبنانية ما بين العام 1972 و 1984 وانتسب في العام 1976 لأول مرة الى الجامعة اللبنانية، معهد العلوم الاجتماعية، الفرع الأول، بيروت. حصل قي العام 1979 على شهادة الجدارة من معهد العلوم الاجتماعية، والعام 1980 على شهادة دبلوم دراسات المعمقة من معهد العلوم الاجتماعية. أما شهادة الدكتوراه في الأنتروبولوجيا فلقد حصل عليها من جامعة باريس7 – فرنسا في العام 1983. بعدها جرى الحصول على شهادة الدكتوراه اللبنانية في علم الإجتماع- الجامعة اللبنانية العام 1996. بدء ممارسة التعليم الجامعي لمادة الأنتروبولوجيا في العام 1984 في صيدا، ومنذ العام 2000 درس وإشراف في الجامعة اللبنانية، دبلوم الدراسات المعمقة – عمادة معهد العلوم الاجتماعية- الطيونة – بيروت. ترفيع الى رتبة أستاذ مساعد في العام 1996، وإلى رتبة أستاذ في العام 2010، وأحيل إلى التقاعد في العام 2014. منذ العام 2014 ولغاية تاريخه لديه عقد إشراف على رسائل الدكتوراه مع الجامعة اللبنانية، المعهد العالي للدكتوراه للعلوم الاجتماعية والانسانية.
السيرة الحياتية وموقع الدراسة والتعليم في الجامعة اللبنانية- معهد العلوم الاجتماعية
انتسبت الى معهد العلوم الاجتماعية في العام الدراسي 1976، وكان ذلك عن سابق تصور وتصميم باختيار هذا الاختصاص، ذهبت حينها إلى كلية الآداب والعلوم الانسانية للإنتساب. عبأت الطلب وحددت مجال الإختصاص: علم اجتماع، ظناً مني بانه أحد العلوم الأنسانية والأدبية. بادرني الموظف بالقول بأن هذا الاختصاص لا يندرج في كلية الآداب، بل هناك كلية خاصة للعلوم الاجتماعية في البناية المجاورة، في منطقة الأونسكو. وذهبت الى المكان المقصود وكان لقاءاً مميزاً مع مدير المعهد الدكتور حسن ابراهيم، دون أن أنسى ابتسامة واستقبال أمين سر المعهد الأستاذ سهيل الدمشقي.
كانت الحياة الدراسية متميزة بالجدية والمتابعة الحثيثة، لأن الجو العام المتأثر ببدء الحرب العبثية الأهلية، يفرض نفسه على الاداء الأكاديمي. لذلك كنا نبذل الجهد من أجل زيادة المعرفة ولمواكبة المستجدات إذ يخيم على الطلاب الطابع العام، والأجواء السياسية السائدة في المنطقة أي الجانب الغربي من بيروت. هذا ما أدى إلى بدء تقسيم الجامعة الى فرعين ولسوء الحظ إعتمد الشرخ الطائفي: الاول في المنطقة الغربية حيث الأغلبية المسلمة، والثاني في المنطقة الشرقية حيث الأغلبية المسيحية. هذه الأجواء كانت مشحونة وضاغطة وهي بحاجة الى مقاربات خاصة، وبالتحديد في مجال العلوم الاجتماعية. فالحافز الى الدراسة كان من معطيات الوسط الاجتماعي المعاش، ومن تسلسل المعطيات وقراءتها لنقارب أجواء الماضي بعيون معاصرة.
بعد الحصول على الإجازة في العلوم الاجتماعية، وجدت بأن هناك أهمية لدراسة علم النفس، كانت حينها القوانين الجامعية تعفي حاملي الإجازة من عدة مواد. لذلك انتسبنا حينها الى كلية الآداب في الجامعة اللبنانية، قسم علم النفس، وانجزت سنتين، ثم توقفت بداعي السفر لمتابعة وتحضير شهادة الدكتوراه خارج لبنان."أسرد ذلك لإبراز أهمية التشبيك مع العلوم الأخرى، وعدم الإكتفاء بالإختصاص وتوسيع مدارك المعرفة".
تميز إداؤنا بالجدية ومنذ سنوات الإجازة، بحيث كان التصميم لمتابعة التحصيل العلمي والسفر الى خارج البلاد، بحيث كنت أدخر المفعول الرجعي لزيادة الرواتب في تلك الفترة لتغطية مصاريف السفر ومتابعة الدراسة، وكان رفاقي منذ ذلك الحين ينادوني "بالدكتور علي..." الذي كان فأل خير....
بالمقابل كانت سجلات الأحوال الشخصية بمتناول يديّ، لسهولة الحصول عليها من خلال مكانة الوالد كمختار للبلدة. كما واني كنت على تماس مباشر مع كبار السن، الذين يملكون المخزون المعرفي الذي يمدني بالمعلومات اللازمة...الخ لذلك كان التركيز على أحد جوانب القرابة وعلاقتها بالسكن.
في هذه السنة ومع مزاولة الأعمال الحقلية شعرنا بأهمية وقيمة الإختصاص. فالنظريات التي حفظت والتي زال منها الكثير، بدأنا نستعيدها عند حاجتنا اليها. وهنا أعتبر العمل الحقلي والتطبيقي هو الذي يغني الطالب ويجعله أكثر إلتصاقا بالمادة. مع التأكيد على ضرورة الإبتعاد عن أسلوب الحفظ والتسميع الذي كان شبه سائداً، حيث مبدأ المقرر والمحدد بصفحات معدودة، ما يعرف بـ"الكور"، مما يقزم المادة ويحد من إتساع الدائرة المعرفية.
كما بدأت خلال هذه السنة تتسع دائرة المجال العلمي، بحيث كنا على تواصل مع مكتبات ودور نشر متعددة، نذكر منها:
في هذه السنة تواصلنا وبشكل مباشر مع مختلف أقسام الدبلوم في الفرع الأول، ولم يقتصر المجال على إختصاصنا فقط، فقد تعرفنا عن كثب على مجموعة من الأساتذه المميزين، أذكر منهم الدكاترة: جورج قرم، حليم تقي الدين، منيف حمدان، نجيب عيسى، وضاح شرارة، حسين كنعان.....الخ. "وأتذكر هنا أن العديد من طلاب الجامعة الأميركية، في سنوات الماجستير، كانوا يزورون المعهد للمتابعة مع بعض الأساتذة، وكانوا يقولون نحن نفتقر لمثل هؤلاء".
بعد الحصول على شهادة الدكتوراه في العام 1983، كانت المحاولة للتدريس في المعهد. اتصلت بالفرع الخامس، وكان حينها المدير الدكتور اسماعيل الغزال، ونظرا لعدم وجود أستاذ انتروبولوجيا كانت الفرصة مؤاتية للتعليم، وبدأت التدريس منذ العام 1984. هذه التجربة كانت إمتداداً لتجربتي السابقة بالتعليم في مختلف المراحل التعليمية.
العلاقة مع الطلاب كانت أكثر من ممتازة، وهذا مرتبط بأسلوب الاستاذ وكيفية تعاطية مع المادة وأسلوبة التربوي. فمن خلال إتقان المادة والتمكن المعرفي نتوصل الى نتيجة إيجابية وأثر جيد في جذب الطلاب ومتابعتهم.
لم أعتمد في التدريس مبدأ "الكور"، حاولت وفي سنوات التدريس الأولى أن يكون بحوزة الطلاب كتابا، يحتوي مبادىء الأنتروبولوجيا. وفي العام 1987 صدر ضمن سلسلة عالم المعرفة الكويتية كتاباً، وهو قصة الأنتروبولوجيا، الذي يساعد وبشكل مقبول لتلمس مبادىء وتطور مادة الأنتروبولوجيا، بالإضافة الى بعض الكتب في مكتبة المعهد أو ما في مكتبتي الخاصة، إثر ذلك عدلت عن فكرة التأليف. ومؤخرا ومع التطور التكنولوجي أصبح على جهاز الكمبيوتر 1300 كتاب، قمنا بتجميعهم مع طلاب الجدارة الذين قاموا بتبويبهم حسب المواضيع. وأصبحنا نقدمها للطلاب عبر وسائل التواصل وبشكل سريع، ثم كان الفضل لعميد المعهد الدكتور يوسف كفروني بإمدادنا بالمكتبة الإلكترونية وفيها ما يقارب 30.000 كتابا. وهنا تبرز أهمية مواكبة التطور العلمي من قبل الأساتذه كما الطلاب لتسهيل الحصول على المادة المعرفية.
ومن تجاربي العملية ايضاً اني كنت أعتمد مع بداية كل عام دراسي، أن تعبأ استمارة من قبل كل الطلاب، تحتوي بالإضافة الى هويتة الشخصية على بعض المعلومات، نذكر منها: تحديد إسم آخر كتاب قرأه الطالب وتاريخ القراءة - ابرز5 كتب يعتبرها مهمة في مجال علم الاجتماع - ابرز5 كتب يعتبرها مهمة في مجال الأنتروبولوجيا - الإلمام بكيفية التواصل عبر الكمبيوتر والأنترنت - هل يقرأ الجرائد المجلات - لماذا اختيار مادة العلوم الاجتماعية - ما هي أهم المواد لدى الطالب.... هذه المعلومات وغيرها تجعلني على تواصل ومعرفة السمات والاطر المعرفية للطلاب.
من ابرز نتائج هذه الإستطلاعات على دى سنوات وجدت أن الطلاب لا يقرأون الكتب انما يكتفون بمقررات المواد المعتمدة. لذلك ألزمت الطالب خلال الفصل الدراسي على اختيار كتابين كحد أدنى، وقراءتهما وتقديم الملخصات مع العرض والمناقشة لبعض المؤلفات داخل الصف، ويطرح ذلك ضمن أسئلة الإمتحان نهاية العام. هذه الحالة جعلت الطلاب على تماس مع كتب مادة الأنتروبولوجيا الموجودة بمكتبة المعهد، وكنا حريصين مع الإدارة على إغناء المكتبة بما تيسر من المراجع وبشكل دائم ومستمر.
كما وانطلاقا من تجربتنا الدراسية، حاولت أن يقوم الطالب وإبتداءً من السنة الثانية بأبحاث حقلية في الوسط الاجتماعي الذي يسكن فيه. تركزت الأبحاث على محتوى مادة الأنتروبولوجيا ببعديها الاجتماعي والثقافي، بالتركيز على علاقات القرابى، والسكن والبنى السياسية المحلية... ثم التركيز على الأنتروبولوجيا الثقافية ببعديها المادي وغير المادي... كل ذلك قرَّب المادة الى الطلاب وجعلهم أكثر تجاوبا معها، مع الملاحظة الأساسية بأن الحضور لم يكن إجباريا كما في بعض المواد، الا ان تواصل الطلاب كان كثيفا ومميزا.
كما اننا كنا نقوم بشكل دوري بزيارات حقلية سنوية إختيارية، وكانت تتميزت بكثافة الحضور، لتطبيق المادة النظرية التي يتم التداول بها وشرحها. من خلال هذه الزيارات كنت اشدد على مبدأ التعرف والإنفتاح على الآخر، لأن الطلاب كان لديهم الميل الى الإنطواء ضمن المجال الضيق الذي يعيشون فيه، وهذا ما تغذيه الظروف الأمنية من جهة والطروحات السائدة التي تركز على التعصب والعنصرية من جهة ثانية... لذلك كان التركيز الدائم من خلال مادة الأنتروبولوجيا على إنسانية الإنسان، لأنها من صلب الدراسات الأنتروبولوجية، ويعطى من خلالها البعد الاجتماعي والإنساني والوطني، لنعد بذلك طالباً أكثر توازناً مع ذاته ومع الآخرين. وما يحز في نفسي توقف قسم الأنتروبولوجيا في مرحلة الجدارة في الفرع الخامس بعد ان أحلت الى التقاعد.
الجو العام في المعهد كان إيجابيا، وخاصة العلاقة مع نخبة من الزملاء، أذكر منهم الأساتذه: شبيب ذياب، حسن جمعة، رامز الصلح، عبد الكريم صادق، معضاد رحال، أحمد بيضون، شفيق شعيب، ناهض قديح، كاظم نور الدين، فؤاد الصياد... وغيرهم. وما يعكر صفو هذا الجو الحميم أحيانا تعيين مدراء من خارج المعهد، وهذا التعيين يكون لاعتبارات سياسية طائفية أو مذهبية ضيقة، تكون النتيجة على حساب الأداء الـأكاديمي والدخول في حساسيات لا مبرر لها.
التعليم في سنة الجدارة كان تتويجا لما قدمناه في السنوات، وتأكيد الاعمال الحقلية والتطبيقية، بحيث كان الأداء مميزاً ومثمراً... وهذا المسار إنطبق على التدريس والإشراف لمادة الدبلوم...
هناك مرحلة إيجابية ومميزة، وهي تجميع طلاب شهادة الدبلوم الدراسات المعمقة في مركز عمادة معهد العلوم الاجتماعية الكائن في منطقة الطيونة، وأصبح المكان يجمع الطلاب من كافة المناطق اللبنانية ومن مختلف الفروع. وهي خطوة إيجابية إعتمدت من قبل عميد المعهد الدكتور ناصيف نصار، وشعرنا حينها بالأداء الأكاديمي المميز.
تابعنا المسير وبعد العام 2010، وإثر الترفيع الى رتبة أستاذ بدأنا الإشراف على رسائل الدكتوراه، وهي تجربة مميزة بالتواصل مع الباحثين من الطلاب المميزين الذين كان لديهم الإصرار والشغف لمتابعة الأبحاث، وكانوا طلابنا وبنفس الوقت الرفاق والأصدقاء.